العراق اليوم

مراسل صقور الأبداع من العراق

بعد مرور عشر سنوات على الاجتياح الأميركي الذي أسقط صدام حسين، يبدو أن الرابح الجيوسياسي لهذه الحرب هو إيران. لقد غادرت القوات العسكرية الأميركية منذ وقت طويل، ويقول المسؤولون في العراق إن النفوذ السياسي لواشنطن في بغداد لم يعد موجودا الآن. وأصبحت إيران وسيطا لا غنى عنه بين النخبة الشيعية الجديدة في بغداد، ويتزايد نفوذها يوما بعد يوم.



والدليل على ذلك، بحسب محللي الاخبار في لوس انجلوس تايمز، واضح في ظهور المليشيات الموالية لإيران في الشوارع و في الاحتفالات العامة وفي وجوه بعض الذين يجولون الآن في أروقة السلطة، رجال مثل أبو مهدي المهندس؛ العراقي ذي التاريخ الطويل في معاداة الأميركان والارتباط الراسخ بإيران.

وخلال الاحتلال، اتهمه المسؤولون الأميركان بتوفير قنابل إيرانية الصنع لاستخدامها ضد القوات الأميركية. أما اليوم فيقول مسؤولون عراقيون إن مهندساً يتحدث نيابة عن إيران هنا في العراق، و مؤخرا كلفه رئيس الوزراء نوري المالكي في مهمة سياسية محلية في غاية الحساسية.

إن دور إيران يعزز موقعها الستراتيجي،في وقت تزداد فيه معاداة العالم لطهران التي تواجه عقوبات دولية قاسية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، وتواجه مخاوف خسارة سوريا على يد متمردين مدعومين من منافسين إقليميين من السنّة.

ويعرب دبلوماسيون غربيون ومسؤولون عراقيون عن قلقهم من أن تستخدم الجمهورية الإسلامية وكلاء لها في العراق في ضرب أعدائها كما فعلت مع حزب الله اللبناني. إذ يقول مسؤولون أميركان بان هؤلاء الوكلاء مازالوا لاعبين حيويين في العراق وقد عملوا على نزع فتيل التوتر بين المالكي وأعدائه.

ومع هذا، فخلال زيارة وزير الخارجية جون كيري الى بغداد الأحد الماضي فإنه لم يتمكن من إقناع المالكي بإيقاف الرحلات الإيرانية المارة عبر الأجواء العراقية إلى سوريا، التي تتهمها الولايات المتحدة بشحن الأسلحة إلى النظام السوري. من جانبه نفى المالكي وجود دليل على أن طهران ترسل أي شيء غير المساعدات الإنسانية. وكانت زيارة كيري هي الأولى لمسؤول حكومي أميركي خلال أكثر من عام.

وعلى العموم، كما يقول مسؤولون عراقيون ومحللون، فإن واشنطن تتبع سياسة فك ارتباط شبه كامل، مع قرارات سياسية هبطت إلى مستوى السفارة في بغداد. وبعض زعماء العشائر يشتكون من أن الأميركان لم يتصلوا بهم منذ رحيل القوات الأميركية أواخر 2011.

إلى ذلك فان الجو السياسي يتدهور في العراق؛ فقد أمر المالكي باعتقال وزير ماليته السابق، والخلافات بين الحكومة المركزية و حكومة إقليم كردستان مازالت بلا حلول. إذ يقول صالح المطلك نائب رئيس الوزراء تعليقا على اختفاء دور الأميركان كوسطاء في اغلب الخلافات العراقية ” الأميركان لا دور لهم، ولا أحد يستمع إليهم. لقد خسروا سلطتهم في العراق”.

لكن إيران ودول الجوار السنية هي التي تملأ الفراغ إلى حد كبير، وكل منها يسعى إلى ترسيخ أكثر ما يستطيع من النفوذ في بلد يقع حاجزا بين إيران الشيعة والشرق الأوسط السني في أغلبه. وفي هذا السياق يقول كريم سجادبور، الخبير في الشأن الإيراني في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي “في الوقت الحاضر، تمتلك إيران ما يشبه حق النقض في العراق، أي أن المالكي يحرص على عدم اتخاذ قرارات من شأنها أن تسبب نفور إيران”.

ووصف سياسي شيعي، رفض ذكر اسمه لحساسية الموضوع، في حديثه لمراسل لوس انجلوس تايمز، أهداف إيران قائلا “هناك في العراق عدم استقرار منظم وحكومة منقادة أو متعاطفة مع المصالح الإقليمية لإيران خاصة في ما يتعلق بسوريا”. وبدأ المالكي يميل إلى أحزاب إسلامية شيعية وشخصيات مرتبطة بإيران من اجل البقاء في السلطة بعد انتخابات 2010؛ ومنذ ذلك الحين وهو يقاوم التحديات بدعم من المرشد الأعلى في إيران آية الله خامنئي الذي يخشى من توسع سلطة السنة في حالة انهيار سوريا أو العراق. وأقنع المالكي الإيرانيين بأنه الوحيد القادر على توحيد بلاده.

وتؤيد إيران بقوة مجموعات شبه عسكرية وسياسية في العراق وتشجعها على دعم المالكي. وتأسست بعض هذه المجموعات وتدربت على يد الحرس الثوري الإيراني في سنوات الثمانينات من اجل مقاتلة صدام. ويصف كبار المسؤولين الشيعة في العراق ظهور هذه المجموعات المؤيدة لإيران بأنها تطور صحي بعد الانسحاب العسكري الأميركي. إذ يقول الشيخ همام حمودي عضو البرلمان العراقي الذي عاش في إيران لفترة طويلة قبل سقوط صدام “هؤلاء كانوا مقلدين متخفين لخامنئي وقبله لآية الله روح الله الخميني، أما اليوم فقد أصبحوا معروفين”.

ويقال إن المهندس يرأس سرا إحدى المليشيات، وقد ظهر لأول مرة ضد صدام نهاية السبعينات، واجتنابا للاعتقال فقد انتقل إلى الكويت، في ما بعد اتهمته إحدى المحاكم هناك غيابيا بالمشاركة في تفجير السفارات الأميركية والفرنسية في 1983.

وهرب المهندس إلى إيران حيث التحق بإحدى المنظمات وهو يدير حاليا مكتبها السياسي في بغداد. وبعد الاجتياح الأميركي عاد إلى العراق و تم انتخابه للبرلمان باسم جمال جعفر. وهرب من العراق مرة أخرى عندما عرف الأميركان هويته الحقيقية، وفي 2009 وصفته وزارة الخزانة الأميركية بأنه تهديد لأمن العراق. لكنه عاد إلى العراق بعد الانسحاب الأميركي.

ويقول مسؤولون عراقيون إن المهندس خلال تلك الفترة أقام علاقة وثيقة مع قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني المسؤول عن علاقات إيران مع العراق. وفي عرض لظهوره الجديد، فقد بعثه المالكي الشهر الماضي مع ثلاثة من كبار أعضاء حزب الدعوة إلى إقليم كردستان، في محاولة لإزالة الخلافات المتعلقة بالحقوق في كركوك الغنية بالنفط وغيرها من المناطق. ويقول مسؤول عراقي كبير رفض ذكر اسمه “المهندس هو مبعوث إيران للعراق. وعندما يحضر اجتماعا ما، فان الحاضرين يعلمون بأنه يتحدث نيابة عن قوات القدس وعن سليماني. انه يتحدث عنهم أكثر مما تتحدث السفارة الإيرانية عنهم”.
 

المواضيع المشابهة


رد: لوس انجلوس تايمز: أميركا تخلّت عن نفوذها في العراق لصالح ميليشيات إيران

الله يخلصنا من ايران واعوانها
 

عودة
أعلى