العراق اليوم

مراسل صقور الأبداع من العراق

اعتبر عراقيون نسبة المشاركة المنخفضة في انتخابات مجالس المحافظات بمثابة احتجاج على أوضاعهم الأمنية والسياسية والخدمية المتدهورة، إذ تعتبر هذه النسبة الأقل مشاركة في عمليات الإقتراع التي شهدها العراق منذ التغيير عام 2003… لكن المالكي اعتبر نتيجة التصويت واعدة فيما احتج الصدر على الاخفاقات التي رافقت التصويت.

لدى إعلان نتائج الانتخابات المحلية العراقية التي شهدتها البلاد أمس، قالت المفوضية العليا للانتخابات العراقية بعد إغلاق مراكز الإقتراع إن نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات بلغت 50 في المئة من إجمالي من لهم حق التصويت.

وبلغت نسبة المشاركة في العاصمة بغداد 33 في المئة فقط، وهي أدنى نسبة تصويت بين المحافظات الـ 12 التي جرت فيها الانتخابات، فيما سجلت محافظة صلاح الدين الغربية أعلى نسبة مشاركة وصلت إلى 61 في المئة.

وجاءت نسبة المشاركة المنخفضة التي بلغت 6 ملايين و400 الف ناخب من مجموع عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت والبالغ 13 مليوناً و800 الف مواطن بمثابة احتجاج من قبل المواطنين على أوضاعهم المتدهورة أمنياً وسياسيًا وخدميًا، وكذلك احباط من سوء اداء مجالس المحافظات التي تعتبر الحكومات المحلية لمحافظاتهم وفشلها في تقديم الخدمات لهم، إضافة إلى الفساد المستشري في مفاصل هذه الحكومات.

ويشير العزوف عن التصويت والعدد القليل للمشاركين في الانتخاب إلى عدم انتخاب اعضاء مجالس محافظات قادرين على خدمة المواطنين وتقديم الافضل مما قدمه لهم الاعضاء السابقون، حيث لا تبشر المرحلة المقبلة من عمل الحكومات المحلية الجديدة بانجازات افضل من الحالية.

فقد شكلت نسبة المشاركة التي بلغت 50 في المئة هي الاقل في المشاركات بالانتخابات المحلية والتشريعية العامة التي شهدتها البلاد منذ سقوط النظام العراقي السابق وحصول التغيير الكبير فيها عام 2003.
فقد تراوحت نسب المشاركة في الانتخابات العامة التي جرت بين عامي 2005 و2010 ومن ضمنها ثلاثة انتخابات عامة وثلاثة محلية بين 51 في المئة و62 في المئة.

وقد دفعت المخاوف من فشل الانتخابات بسبب التصويت المتدني بالمراجع الشيعية الاربعة الكبار إلى توجيه نداءات إلى الناخبين بعد مضي حوالي اربع ساعات من بدء الإقتراع يدعونهم فيها إلى المشاركة الواسعة.

وأكد المرجع الاعلى السيستاني على اهمية المشاركة الواسعة في الانتخابات المحلية لاختيار الافضل والأنزه. وأشار إلى أنّ المرجعية ليس لها موقف داعم أو سلبي من أي قائمة أو مرشح مشددًا على أنها تقف على مسافة واحدة من جميع المتنافسين في هذه الانتخابات المحلية.

ومن جهته، شدد المرجع محمد سعيد الحكيم على ضرورة أن تكون مشاركة المواطنين فاعلة ومؤثرة في الانتخابات، فيما دعا المرجع الشيخ بشير النجفي المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات واختيار من هو اصلح وامثل. ومن جانبه شدد المرجع الديني اسحق الفياض على ضرورة المشاركة الواسعة في الانتخابات وعدم العزوف عنها واختيار من يسهم في تقديم افضل الخدمات للمواطنين.

وقد أعلنت الامانة العامة لمجلس الوزراء عن تعطيل الدوام الرسمي اليوم الاحد في المحافظات التي جرت فيها الانتخابات. وقال بيان للحكومة: “تقرر تعطيل الدوام الرسمي الاحد في المحافظات التي جرت فيها الانتخابات، وذلك لتسهيل عملية نقل صناديق الاقتراع” من المحافظات إلى مركز العد والفرز لمفوضية الانتخابات في بغداد.

وتنافس اكثر من 8100 مرشح ينتمون إلى اكثر من 260 كيانًا سياسيًا للفوز بـ378 مقعدًا في مجالس 12 محافظة بعدما قررت الحكومة تأجيل الانتخابات في محافظتي الانبار ونينوى إلى 18 من الشهر المقبل بسبب الظروف الأمنية في هاتين المحافظتين، بينما ستجري انتخابات محافظات إقليم كردستان الثلاث في 21 ايلول (سبتمبر) المقبل، في حين لم يجرِ أي اتفاق بعد لاجراء انتخابات محافظات كركوك الشمالية الغنية بالنفط المتنازع عليها بسبب الخلافات بين مكوناتها التركمانية والكردية والعربية والمسيحية.

واشرف مئات المراقبين الدوليين وآلاف المراقبين المحليين على سير العملية الانتخابية، حيث ترافقت الانتخابات مع اجراءات أمنية مشددة شملت فرض حظر على السيارات التي لا تحمل ترخيصًا خاصًا باليوم الانتخابي إلى جانب زيادة حواجز التفتيش على الطرقات وخصوصًا في العاصمة.

المالكي اعتبر الإقتراع مشجعًا والصدر احتج على الإخفاقات

وعلى العكس من اعتبار نتائج الانتخابات محبطة إلا أن رئيس الوزراء نوري المالكي اعتبرها ناجحة من خلال إقبال العراقيين على التصويت لكن الصدر احتج على الاخفاقات التي شهدتها.

وقال المالكي في كلمة إلى العراقيين الليلة الماضية إن الشعب العراقي الشجاع اقبل على الانتخابات بحرص رغم تشكيك المشككين وتهديدات الارهابيين “وهو ما يؤكد وعيكم وحرصكم على بناء دولة القانون التي يحكم سيرها الدستور وصناديق الإنتخابات وأقدم وافر الشكر والاحترام للموقف الأبوي الحريص الذي وقفه سماحة السيد المرجع السيستاني ( دام ظله )، وما صدر عنه من توجيهات وحث على المشاركة و الحفاظ على نزاهة الانتخابات وتوجيه الناخبين لإختيار الاصلح والاكفأ والاقدر على خدمة الوطن والمواطن”.

أتقدم بالشكر ” لكافة الاجهزة الأمنية التي سهرت ومنذ فترة على توفير الاجواء الأمنية لسلامة الناخب والمرشح والمراكز الانتخابات ، وأبارك لهم جهودهم بنجاح الخطة الأمنية التي أشرفت عليها اللجنة الأمنية العليا للانتخابات ونفذتها بكفاءة قيادات العمليات في بغداد والمحافظات”.

وتقدم بالشكر إلى مفوضية الانتخابات “على حسن الاعداد والتهيئة السليمة لإجراء عملية التصويت”.. وإلى الإعلام والإعلاميين وكل المؤسسات “لما بذلوه من جهد لتغطية هذه الفرحة العراقية العزيزة وما قاموا به من مواكبة وحضور وتحمل مشاق ومخاطرعكست للعالم دور الإعلام العراقي في مواكبة الحدث الوطني البارز.. وكل المراقبين المحليين والأجانب “الذين راقبوا العملية الانتخابية وتنقلوا بين المراكز وكانوا شهوداً على سير العملية الانتخابية وسلامتها واكرر شكري وتقديري لممثلية الامم المتحدة وشخص السيد كوبلر ممثل الامين العام على حرصه ومتابعته وتقديم كل ماهو ممكن لنجاح الانتخابات التي أشاد بها وهو ما يبعث على الثقة والاحترام في المحافل الدولية”.

وتقدم المالكي بالتهنئة إلى “كل الفائزين الذين تشرفوا باختيار الشعب لهم”، معبرًا عن امله أن يكونوا اهلاً لتحمل المسؤولية “واقول لهم إن الشعب يراقبهم ويراقبنا جميعًا فيكرم من يحسن اليه ويعاقب من يقصر بحقه واعاهدهم جميعًا أن الحكومة الاتحادية ستكون عونًا لهم في اداء مهامهم وانجاح خططهم لخدمة محافظاتهم وامل أن يتحول التنافس الانتخابي إلى تعاون وتكاتف في ما بينهم للبناء والاعمار”.

وعلى العكس من هذا الموقف، فقد حمل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة العراقية مسؤولية الاخفاقات التي رافقت عملية التصويت العام، مشيرًا إلى أنّ هذه الاخفاقات التي حصلت هي نتيجة للفساد والارهاب المستشري في البلد.

وقال الصدر في بيان الليلة الماضية إن” عدم كبح جماح الارهاب وعدم وضع آليات سلسة للاقتراع بالإضافة إلى حظر التجوال أثر على نسبة المشاركة بشكل لافت ناهيك عن تراكمات الفساد واللامبالات تضاف اليها سيطرة الاحزاب واقصاء الشخصيات الفذة والكفاءات وعزوفها عن الترشيح وخدمة المواطن”.

وأضاف أن “عدم تجديد سجلات الناخبين أدى الى عدم مشاركتهم اجبارًا او اضطراراً وغيرها من الاسباب الاساسية والثانوية التي ادت إلى عزوف الكثيرين وحجب اصواتهم عن نتائج الانتخابات”. وشكر الصدر “البعض الخيّر الذي تناسى كل ما ذُكر وأصر على المشاركة، كما تقدم بالشكر إلى القوات الأمنية المخلصة “التي ما اصغت للطائفيين وكان كل همها حماية الناخب”، كما قال.

ومن جهتها، قالت شبكة شمس لمراقبة الانتخابات إنها رصدت عدداً من ابرز الخروقات، منها استمرار الدعاية الانتخابية خارج المراكز الانتخابية وداخلها، خاصة لقائمة ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي في كربلاء وبابل والنجف.. وفي محافظة المثنى الجنوبية كانت الدعاية على عجلات حكومية لـ “تجمع اهل المثنى تيار الاحرار”الممثل للتيار الصدري.

وفي ديإلى وصلاح الدين كان رجال الأمن ينشرون دعاية لمصلحة قائمة متحدون 444 بزعامة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي. وفي محافظة البصرة ارتدى ممثلو الكيانات السياسية ملابس موحدة ترمز إلى قائمة 411 ائتلاف المواطن بزعامة رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم. وأكدت شبكة شمس رصد مراقبيها وقوع حالات خرق أمني في محافظات بغداد وصلاح الدين وبابل وديإلى.

ومن جهتهما، فقد حذر زعيم القائمة العراقية اياد علاوي والقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي نائب رئيس الجمهورية سابقًا عادل عبد المهدي عقب الإدلاء بصوتهما من عمليات تزوير لنتائج الانتخابات.

أول انتخابات محلية منذ عام 2009

يذكر أن آخر انتخابات لمجالس المحافظات الماضية كانت جرت عام 2009 في 14 محافظة عراقية من بين 18 محافظة عراقية باستثناء محافظة كركوك ومحافظات إقليم كردستان الثلاث وهي أربيل والسليمانية ودهوك.. وكان من المقرر أن تجرى انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي في 31 كانون الثاني (يناير) الماضي لكنّ اتفاقًا مبدئيًا جرى بين لجنة الاقاليم البرلمانية ومفوضية الانتخابات قاد إلى قرار مبدئي بتأجيلها إلى 17 اذار (مارس) الماضي غير أن قرار الحكومة الاخير قضى باجرائها في 20 نيسان الحالي.

يذكر أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق قد تشكلت بأمر من سلطة الائتلاف الموقتة رقم 92 في 31 أيار (مايو) عام 2004 لتكون حصراً، السلطة الانتخابية الوحيدة في العراق، والمفوضية هيئة مهنية مستقلة غير حزبية تدار ذاتياً وتابعة للدولة ولكنها مستقلة عن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتملك بالقوة المطلقة للقانون، سلطة إعلان وتطبيق وتنفيذ الأنظمة والقواعد والإجراءات المتعلقة بالانتخابات خلال المرحلة الانتقالية، ولم تكن للقوى السياسية العراقية يدٌ في اختيار أعضاء مجلس المفوضية في المرحلة الانتقالية، بخلاف أعضاء المفوضية الحاليين الذين تم اختيارهم من قبل مجلس

 

عودة
أعلى