العراق اليوم

مراسل صقور الأبداع من العراق



كشفت مصادر دبلوماسية غربية في واشنطن، اليوم الاربعاء، عن حدوث تصاعد كبير في الأونة الأخيرة في وتيرة التدخلات الإقليمية الداعمة للمنظمات الإسلامية المتطرفة في كل من العراق وسوريا، وحذّرت من أن ذلك قد يشعل في خاتمة المطاف حريقاً مذهبياً كبيراً في الشرق الأوسط للمرة الأولى منذ الحروب العثمانية- الصفوية في القرنين السادس عشر والسابع عشر.

وأوضحت المصادر لـ(المدى برس)، أن أبرز القوى الإقليمية التي تقف وراء تمويل هذا التصعيد إيران، والسعودية (التي حلّت مؤخراً محل قطر في المرتبة الأولى كقوة دعم للمنظمات السلفية والمتشددة)، هذا إضافة إلى “لاعبين ثانويين”، (على المستوى المالي على الأقل)، مثل تركيا والأردن وغيرهما.

إيران، على سبيل المثال، وفق هذه المصادر، تشرف على “لواء أبو الفضل العباس”، وهو عبارة عن مقاتلين عراقيين شيعة في الغالب يخضعون إلى تنظيم “قوة القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، ويضم اللواء ثلاث مجموعات عراقية تقاتل الآن في سورية هي مجموعة “عصائب أهل الحق” التي يتراوح تعدادها بين 2000 إلى 3000 مقاتل كانت قد انشقت عن حركة مقتدى الصدر العام 2006 بدعم من “قوة القدس” وحزب الله اللبناني، و”كتائب حزب الله” العراقية وهي نخبة من 400 مقاتل من العراقيين الشيعة المتمرسين الذين يرفعون تقاريرهم مباشرة إلى قيادة “قوة القدس”، و”كتائب سيد الشهداء” وهي قوة قوامها 200 مقاتل يقودها أبو مصطفى الشيباني.

كما تشير تقارير مخابراتية أخرى إلى وجود عراقيين شيعة يقاتلون أيضاً في سوريا من أعضاء “منظمة بدر” و”لواء اليوم الموعود” التابع لمقتدى الصدر.

مؤسسة واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أكدت هذه المعلومات، وأضافت إليها القول أن إيران بدأت بدفع المقاتلين العراقيين إلى سوريا ابتداء من ربيع العام 2012 بصورة متصاعدة، وقد دخل بعضهم عبر مطار دمشق الدولي على متن طائرات مدنية إيرانية، وبراً عبر الحدود العراقية، أو استقلوا حافلات الحجاج أو الشاحنات التجارية.

وتحدثت المصادر الأميركية عن الدور السعودي، فقالت أن مملكة الوهابيين دعمت علناً منذ البداية “الجيش السوري الحر”، الذي يقال انه يضم منظمات إسلامية “معتدلة”، لكنها كانت في السر تمرر التمويل لمنظمات متطرفة مثل “الدولة الإسلامية في العراق والشام” التي تقاتل في كلٍ من العراق وسوريا، كما سمحت لمتمولين سعوديين وخليجيين آخرين بدعم جبهة النصرة، وسهّلت تدفق مقاتلين أصوليين من شتى أنحاء العالم، بما في ذلك من السعودية نفسها وليبيا ومصر وباكستان والشيشان وغيرها الى سوريا.

وتعمل السعودية الآن، بالتعاون مع الأردن والولايات المتحدة، على إنشاء وتمويل وتدريب جيش سوري جديد يفترض أن يحل مكان الجيش الحر، قوامه زهاء 7 آلاف ضابط وجندي سوري منشق، التدريبات تجري أساساً في الأردن بإشراف أميركي وأردني مباشر، وهي شارفت على الانتهاء الآن.

كما تعمل السعودية على دفع قبيلة شمر الضخمة التي يتقاسم أفرادها الحياة في السعودية والاردن وسوريا، إلى العمل للسيطرة على منطقة جنوب سوريا بهدف فرض الحصار على مدينة دمشق.

هذه المعطيات الإقليمية دفعت مؤسسة دراسات الحرب الأميركية إلى وضع دراسة هذا العام بعنوان “الصراعات الطائفية والإقليمية في الشرق الأوسط”، خرجت منها بالخلاصات الآتية:

- النصف الأول من 2013 شهد بدء توسُّع وانتشار الصراعات الطائفية في الشرق الأوسط، انطلاقاً من العراق وسوريا، وهذا التطور كان حصيلة التطورات التي حدثت خلال 2012، بما في ذلك محاولات رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي تعزيز سلطته، وصعود المعارضة المسلحة في سوريا.

- نقطة التحوّل في هذه الصراعات جاءت في وقت لاحق من ذلك العام، حين خسرت المعارضة السورية بلدة القصير الاستراتيجية في أوائل حزيران لصالح قوات النظام المدعومة من حزب الله اللبناني الذي أدى تدخله إلى تفاقم كبير في عملية “تطييف” الصراع و”مذهبته”.

- والآن، فأن العنف الطائفي الذي تدعمه قوى خارجية بات يفرض تهديدات وجودية على دول المنطقة الهشة أصلا، التي يشجِّع ضعفها (أو حتى فشلها) على بروز هويات تناصب مفهوم الدولة الوطنية العداء، يحدث هذا بقوة حالياً في سوريا، ولكن أيضاً بزخم لايقل قوة في العراق، (وفق مؤسسة واشنطن) حيث عزز سعي المالكي لاحتكار السلطة، والخطب المذهبية الواضحة، واستخدام قوات الأمن العراقية لأغراض سياسية، الاستقطاب الطائفي وجعل من سوريا والعراق “ساحة معركة واحدة”.

يبقى أن المصادر الدبلوماسية الغربية لاترى نهاية قريبة للصراعات الطائفية التي يحركها التنافس الإقليمي، إلا في حال اتفقت الدول الكبرى، خاصة روسيا والولايات المتحدة على أن الحريق المذهبي الشامل في المشرق العربي، يمكن أن يشكل تهديداً للأمن الدولي.

وهذا ما لا يبدو وارداً الآن، في ضوء انتقال العلاقات الروسية- الأميركية مؤخراً من حالة التعاون إلى التنافس الاستراتيجيين.

 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى