2riadh

Excellent

حقيقة الكلمات في قوله تعالى
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ

قال تعالى في محكم كتابه

وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ

وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ

(سورة البقرة 124)

التفسير

معنى ابتلى لغويا :

ابتلى الشّخص

بلاه ، اختبره وامتحنه ، جرَّبه وعرفه :-

{ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ } - { إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ }.

في هذه الايتين الله سبحانه يختبر ويمتحن في صدورنا والاية الثانية اختبار بعدم الشرب من النهر لكن في الاية واذا ابتلى ابراهيم ربه اي ان المبتلى هو الله سبحانه وليس ابراهيم باختبار لا يستطيع اي مخلوق ان ياتي بجوابه الا الله سبحانه فهو ليس امتحان لله العلي القدير بل اختبار عملي يريه الله له ليكون من الموقنين ولكن السؤال بخصوص ماذا فالامر مبهم ويراد منا تكملة الايه والوقوف عند قوله (بكلمات) ومعنى كلمات لغويا : كلم في لسان العرب القرآنُ كلامُ الله وكَلِمُ الله وكَلِماتُه وكِلِمته قال سيبويه اعلم أَنّ قُلْت إنما وقعت في الكلام على أَن يُحكى بها ما كان كلاماً لا قولاً ومِن أَدلّ الدليل على الفرق بين الكلام والقول إجماعُ الناس على أَن يقولوا القُرآن كلام الله ولا يقولوا قول الله ------ ومن هذا التعريف لغويا (بكلمات) ومعناها سوف نستدل بحقيقة الكلمات اي ما قال ابرهيم لربه وما توافقها من ايات قرانية بحق اختبارين يريده ابراهيم من الله سبحانه ان يبينه له وليكون من الموقنين

(الاختبار الاول)

هو في الاحياءوالموت ولا يستطيع احد ان يفعله سوى الله وحده ولهذا خص ابراهيم

ان يكون الاختبار وجوابه من الله سبحانه كما ان مدلول بكلماته هو ما تحدث به ابراهيم

من الكلمات لغويا سوف تجدوها في الاية عند كلمته (قال )

اي ما قاله ابراهيم عليه السلام كتعبير عن كلماته حين

( قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي \\ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ \ )

ووضعتها بين قوسين والسؤال هو لماذا طلب ابراهيم هذا الاختبار

والقصة تبدا من حوار ابراهيم عليه السلام

والنمرود في قوله تعالى

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي

يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي

بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ

فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

(سورة البقرة 258)

حجة ابراهيم بخصوص الاحياء والموت بينها فقط بقوله (ربي الذي يحي ويميت). ولم يستطع

ان يقنع الملك النمرود بحجه عملية شهدها بخصوص

تلك المسالة وتوجه الى حجة اخرى وهي

الاتيان بالشمس من المغرب وليس من المشرق فبهت الملك في هذه الحجه والمفروض ان

يبهت النمرود في حجة الموت والاحياء لانها ايه ا ثقل واعظم من الاية الكونيه فالله سبحانه عندما

يقول كل من عليها فان الوجود كله زائل الا وجه

والموت له ميزانه الخاص ولكن ابراهيم لم تكن عنده حجة يبين فيها للملك كيفية احياء الموتى فاسر

هذا الامر و نتيجة لتلك الواقعه وسأل ابراهيم ربه بقوله تعالى

= الكلمات (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى)

فاتمهن = (اي علم ابراهيم الحجه بخصوص ذلك الاختبار ) = قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى

كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

فلو كانت هذه الحجة عند ابراهيم معلومه له من قبل لقال الى

الملك النمرود بخصوص احياء الموتى ان ربي امرني

ان اخذ اربعة من الطير واصرهن ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعوهن فاتينا سعيا

هل تستطيع ان تفعل ذلك كي اؤمن انك اله كما تدعي

والله لبهت النمرود لتلك الحالة اكبر من بهته لاية اتيان الشمس من المغرب

(الاختبار الثاني)

وحقيقة الكلمات= قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ اخر الاية = في بداية الايه بقوله تعالى

{ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا (قَالَ) هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ

لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً (قَالَ) هَذَا رَبِّي

هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ (قَالَ) يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ }

(سورة الأَنعام 76 - 78)

ابراهيم ليس بجاهل بحقيقة غروب او شروق الكواكب فهذا امر مسلم به كلنا جميعا نعرفه وهو حين قال للنمرود فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي

بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ

يدرك بحقيقة الشروق والغروب ولكن كان يجهل حقيقة العلم بتلك الكواكب ومساراتها واقترانها فيما بينها ومما ينتج عنها من ظواهر

الخسوف والكسوف والليل والنهارفهو من باب التجهم في الكوكب والقمر والشمس حين افل قال

هذا ربي وطلب من الله سبحانه ان يهديه لحقائق تلك

الامور لان الله وحده هو من يجيبه في تلك المسالة فمن غير المعقول ان يحاجج ابراهيم غيره في الايات الكونية

وهو لا يعرف عنها شىء فطلب هذا الاختبار من العليم الحكيم

فاتمهن= وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ

(سورة الأَنعام 75)

ورؤية ابراهيم تلك الكواكب وحقيقة مداراتها وعملها على وجهين منهم من قال انه راى في منامه تلك الامور ورؤيا الانبياء حق

ولكن هنالك وجه اخر للرؤيا هي نفس رؤيا الرسول الخاتم حين اسري به الى بيت

المقدس وعروجه الى السماء السابعه عند سدرة المنتهى

فحين رجوعه الى مكه طلب كفار قريش من الرسول ان يصف لهم بيت

المقدس وكان اسراء الرسول ليلا بحيث لم يستطيع

ان يميز كل معالم المسجد الاقصى فاحضر شديد القوى جبريل عليه السلام وقرب

الى الرسول بيت المقدس ليستطيع بعدها الرسول الخاتم ان يصفه بسهوله

كذلك بتلك الكيفيه مع ابراهيم ولحاله اكبر اراه الله سبحانه ملكوت السموات والارض

وكيف يحصل الليل والنهار والخسوف والكسوف ليقول بعدها ابراهيم لقومه بعدما راى كل تلك الحقائق بقوله تعالى

وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ

قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ

قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ

(سورة الأنبياء 51 - 56)

وكلمة (ومن الشاهدين) في الاية تعطي مدلول عميق ان ابراهيم عليه السلام قد ادرك حقيقة ما

هية السموات والارض وعملها برؤيتها على كل معالمها وما شهده من ابداع الله في ملكه

وبعدما وضح الله سبحانه كل تلك الاسئله التي كانت تحير ابراهيم عليه السلام وليكون من الموقنين

قال تعالى

وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ

إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ

(سورة الأَنعام 83)

اخوتي الافاضل تعلموا القران وتدبروه لغويا كما كان عليه رسول الله وصحابته ففيه نهضة الامة

من جديد وبجيل حاضر يعي ويدرك ويفهم كتاب الله سبحانه

قال تعالى

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ(الرسول ) مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا(القران الكريم) مُبِينًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ

وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا

(سورة النساء)

والحمد لله رب العالمين

المصدر بقلمي

(التفسير لغويا سنة رسولنا الخاتم )
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى