أهل الكهف هم فتية آمنوا بالله تعالى في زمن ملك يسمّى دقيوس أو دقيانوس، وكان هذا الملك يعبد الأصنام في مدينة للروم تسمى أفسوس. سُمِّي أهل الكهف بهذا الاسم نسبةً للكهف الذي ظلّوا فيه إلى أن شاء الله سبحانه وتعالى، وقد أمر الملك الكافر هؤلاء الفتية بترك إيمانهم بالله، وتوجيه عبادتهم للأصنام بدلاً من الواحد الأحد، فربط الله على قلوبهم وأعانهم على رفض أوامره والإعلان صراحةً أنّهم لن يعودوا عن عبادة الله تعالى، وقد قال تعالى في ذلك: (وَرَبَطنا عَلى قُلوبِهِم إِذ قاموا فَقالوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ لَن نَدعُوَ مِن دونِهِ إِلـهًا لَقَد قُلنا إِذًا شَطَطًا)،[٣] ولمّا رأى ذلك الملك الكافر إصرار الفتية على عبادة الله وحده وترك ما كان يعبد قومهم من الأصنام، هدّدهم وتوعّدهم بأنه سيفعل بهم الأفاعيل إن لم يتراجعوا.[٤][٥] لما رأى أهل الكهف ذلك الوعيد الشديد، فكّروا فيما بينهم إلى أن قرروا أن يسلكوا طريق النجاة بالاختباء في كهف من الكهوف، قال -تعالى- في ذلك: (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا)،[٦] ولمّا فعلوا ذلك وذهبوا إلى الكهف، أنزل الله -سبحانه وتعالى- عليهم الرحمة والسكينة، حتى ناموا مدّة طويلة تعدّت ثلاثمئة سنة كما أخبر الله -تعالى- حين قال: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا)،[٧] وقد هيّأ الله -سبحانه وتعالى- لهم من الأسباب ما يحافظ على قواهم على مدار كل هذه القرون والأزمان، ويمنع عنهم تآكل أجسادهم أو فساد ثيابهم، وعندما استيقظوا من نومهم تساءلوا فيما بينهم عن المدة التي قضوها في نومهم، وظنوا أنها لم تكن إلا أياماً قليلة، ثمّ قرروا أن يرسلوا أحدهم لشراء الطعام لهم على أن يكون حذراً متيقظاً خشية أن يكتشف قومهم مكانهم، قال تعالى مبيّناً ما اتفقوا عليه: (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا).[٨][٥] ذهب من وقع عليه الاختيار منهم إلى السوق حتّى يشتري شيئاً من الطعام، وكان كلّ ما حوله قد اختلف وتغيّر، فتوجّه مباشرةً لشراء الطعام، وعندما أخذ من البائع ما يريد أراد أن يدفع له النقود، وقد كان ماله من العملة القديمة التي تركها الناس منذ مدّة، ممّا جعل البائع يستغرب ويظن أنّ ما معه من المال كنز، فأخذه إلى الملك ليقابله، فلما رآه الملك قال: لعلّ هذا من الفتية الذين خرجوا عهد الملك دقيانوس، وكان الملك قد دعا الله أن أن يُريَه إياهم، وأن يرسل حجّةً وبياناً لقومه؛ حيث اختلفوا فيما بينهم في حقيقة الحشر والبعث من القبور، فلمّا أخبره صاحب الكهف بقصتهم سُرّ الملك وقرر الذهاب إلى الكهف لرؤية الفِتية، ولما وصلوا إلى الكهف دخل عليهم صاحبهم وطمأنهم بأن الأمر قد تغير وأن الناس في قريتهم قد أصبحوا مسلمين، وكان ممّا رُوِي أنّهم سُرّوا بذلك وخرجوا لملاقاة الملك وتعظيمه، وعادوا بعدها إلى كهفهم، أمّا أكثر الروايات فقد بيّنت أنّهم ماتوا عندما أخبرهم صاحبهم عن حال المدينة وأنها أضحت على الإسلام، وكان في هذا إثبات لكلّ من شك في بعث الأجساد. بعد هذه الحادثة، هاب القوم الدخول إلى الكهف لرؤيتهم، فقال لهم الملك أن يبنوا عليهم بنياناً، ورأى من كان على دين هؤلاء الفتية أن يتّخذوا عليهم مسجداً،[٥][٩] قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا).[١٠]
صدق لله عظيم

تلخيص_اهل_الكهف.jpg
 

التعديل الأخير بواسطة المشرف:

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى