2riadh

Excellent

من الاعجاز القراني في كلمة (بلى ) كواقع غيبي لم ندرك
معناه بماضيه وحاضره ومستقبله
الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن
تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا
محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، وسيد الخلق والبشر اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار
المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
اخوتي الافاضل قال الله سبحانه في محكم كتابه

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا

أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ
(سورة الأَعراف 172)
اشهدنا الله سبحانه على وحدانيته بقوله (الست بربكم) فكان ردنا
عليه سبحانه بكلمة (بلى ) كنفس فقط بدون جسد او روح اي زمن الماضي ونحن فيه
ما زلنا في صلب ادم قبل خلقنا ------ وكم من البشر وفى وصدق وبر بكلمته
في حياته الدنيا (الحاضر) بقوله لله سبحانه (بلى ) في (الماضي)
والله يقول فمنكم كافر ومنكم مؤمن واعطى حرية المشيئة في الاختيار
بقوله تعالى
{ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } (سورة الكهف 29)
وقبل ان اخوض في التفاصيل
هنالك امر مهم يتعلق بالازمان فقبل ولادتنا تحدث الله سبحانه بقوله الست بربكم الكل قالت بلى
كانفس السؤال هو كيف ردوا جميعهم وقالوا بلى دون تردد مع العلم اننا كانفس

(النفس تأخذ الكم المعرفي لها وتخزنه من الجسد قلب
وعقل ورسالة وهذا يحصل في الدنيا)
واناس ماتوا وهم ملحدين واخرين عاشوا وماتوا في الادغال ولم يعرفوا الله سبحانه وعبدوا الاصنام والابقار والكواكب الخ
فاذا احضر الله انفسهم لسؤالهم يستحيل ان يتفقوا ويقولوا بلى قد تقول لي الفطرة ولكن الله لو أرادها فطرة لقال انا الله ربكم
ولقلنا بلى ولكن ان يسالنا ويقول (الست بربكم )ونقول بلى امر يستحيل ان يحدث لأن موتتنا في الحياة لدنيا الكم المعرفي للنفس
فيها منقوص فمنا المؤمن والكافر وكلمت (الست )في الاية تعطي مدلول لغويا ان للنفس ماضي قد عرفت فيه الله سبحانه مثل
ما نقابل شخص صدفة وتقول له الست فلان ابن فلان الذي رايته االعام الماضي في الحج عند بيت الله الحرام ---- اذن مع حياتنا الدنيا
لم تكن البشرية جمعاء متوافقه في حقيقة وجود الله سبحانه فكيف توافق جوابنا المؤمن والكافربكلمة بلى
كماضي بالنسبة لنا قبل خلقنا ونحن في صلب ادم عليه السلام
اقول ان الانفس التي خاطبها الله سبحانه هي انفسنا جىء بها من زمن الاخرة (المستقبل)والتي تيقنا
فيها جميع البشر بحقيقة الله ووجوده الملحد منا والمؤمن ولهذا لما احضر الله الانفس من زمن المستقبل الى زمن الماضي
قبل خلق اجسادنا واشهدنا الست بربكم الكل اجاب وعن يقين ليس فيه
ادنى شك (بكلمته بلى) على ان الله هو ربنا لان الحقيقة لمسوها
بانفسهم في الاخرة (زمن المستقبل)
فهذه المقدمات كلها عبر ودروس و فرصة للملحد والكافر ان يراجع نفسه لانها حقيقة اقر بها في الاخرة
لان نفسه عاشت ثلاثه احوال في الدنيا ( الضعف \القوة \الضعف)

وبقوله تعالى

اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ
ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ }
(سورة الروم 54)
و قوله تعالى

{ ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } (سورة الحج 5)
ففي حالة كونك طفل الكم المعرفي للنفس ( صفر) لم نبلغ الحلم والقلم مرفوع وفي حالة بلوغ القوة والشده و الضعف
بعدها اي كبر العمر الكم المعرفي للنفس في الحياة الدنيا (الحاضر) لحين الممات متفاوت بين مؤمن وكافر بالله سبحانه اما النفس
المتيقنه و التي لا يدركها فهي نفسه في الاخرة (المستقبل )والتي يجاوب فيها الكافر بحقيقة وجود الله بقوله تعالى

{ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } (سورة يس 52)
اما المؤمن فايمانه بحقيقة ما سوف يحدث في الاخرة تجعله يقول في الاخرة بقوله تعالى
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ

فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ
(سورة الحاقة )
فهو لم يلمس شهادته لله بالوحدانية قبل خلقه ولكنه ترجمها الى واقع حقيقي
وهو في حياته الدنيا قولا وفعلا فيذكر الله
المؤمن والكافر بحقيقة ما قال كل واحد منا في الاخرة والكل سوف يتفق على وجود الله سبحانه ولا نبرر
اخطائنا الى غيرنا ونقول كما جاء في تتمة الاية نفسها التي ذكر ت اعلاه بقوله تعالى

أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ

وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ
(الاعراف)
بقى امر واحد كيف يفرز الله سبحانه في الحياة الدنيا الصادقين المتقين
الابرار الذين اوفوا بكلمته بلى

من الذين لم يبروا بقولهم من الملحدين \الكفار \المنافقين \ممن كذبوا وكانوا من الفجار
اذن لا بد من وجود امتحان ليتبين صدق ما ادعيناه اعلاه فوضع الله
في النفس التقوى والفجور عشوائيا وهذه العشوائية هي
(ورقة الامتحان) في النفس والتي يقبضها الله وحده اي النفس حين الموت وتعتبر البرمجه
الالهيه لغاية يريدها ليكون فيه الطريق الذي نسلكه في حياتنا ما بين التقوى والفجور
باختيارنا لا اختياره ووضع في النفس الشهوات والمكاره
ولكي تميز العشوائيه في النفس بخيرها
وشرها وضع الله لك الجسد (قلب وعقل ) وروح (قوام الحياة)
ليكون التفاعل بين الجسد والنفس ونعيش حياتنا برسالات الله سبحانه على يد رسله وانقسم فيها البشر بين مؤمن وكافر
و يلعب العقل والقلب دور مهما في الاختيار وزيادة الكم المعرفي والتمييز لنصل الى درجة (الايمان الحقيقي )
والذي يوصلنا الى جانب التقوى في النفس فبين الله سبحانه لنا الطريق الذي تتم
بها تلك االامور بقوله تعالى

لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى

الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ
بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ

(سورة البقرة 177)
هنا العمل الذي حققته البشريةعلى درجات متفاوته مما جاء في تلك الاية وهي
معيار للتقوى والتي سوف تصلك الى (الوحدانية ) وتكون قد ابررت
بقولك بلى لان اختيارك ما بين العشوائية
(التقوى \الفجور ) في نفسك
صححتها تلقاء التقوى لذا قال عنك الله سبحانه في الاية اعلاه اولئك الذين صدقوا اي افوا بما قالوه
بكلمتهم بلى في ردهم على سؤال الله سبحانه الست بربكم و يجعلهم من المتقين
ويضعهم في كتاب الابرار حين مماتهم
وبقوله تعالى

{ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ
فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ } (سورة آل عمران 193)

{ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } (سورة الِانْفطار 13)
{ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ } (سورة المطففين 18)
وفي وصف حال الابرار وهم في الجنة بقوله تعالى
إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ

وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ
لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا
وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا
وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا
عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ
نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا
إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا

(سورة الإِنْسان 5 - 22)
اما الذين سلكوا طريق الفجور ولم يبروا بكلمتهم ( بلى )واتبعوا فجور النفس فسوف
تكون نهايتهم بترقين قيدهم في كتاب الفجار لانهم كذبوا على الله سبحانه بقوله تعالى

كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ

مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
(سورة المطففين 7 - 10)
وقوله تعالى
{ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } (سورة الِانْفطار 14)

فحق للمكذبين الذين لم يبروا بقولهم بلى هذا الجزاء
اخوتي هذه حقيقة كلمة بلى التي قلناها وهي ليست غيبيه بقدر ما تكون اختبار عملي للبشرية
جمعاء على صدق او كذب اقوالهم
وافعالهم وباختيارهم وما الله بظلام للعبيد اللهم سلم واجعلنا من الذين
يموتوا على كلمة لا اله الا الله قولا وفعلا
اللهم ان اصبت فمن فضلك وجودك وان اخطئت فمن نفسي
واصلي واسلم على النور المبعوث رحمة للعالمين خاتم النبيين والمرسلين محمد رسول الله

والحمد لله رب العالمين
المصدر بقلمي
المراجع : لمسات بيانية في القران الكريم – اسرار البيان في التعبير القراني د فاضل السامرائي
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى